الحقيقة التى يتجاهلها اليهود عن انفسهم وعن كتابهم التوراة والتلمود
الغدر والخيانة و الانحلال الخلقي
عن المركز الفلسطينى للاعلام
ثانياً : الانحلال الخلقي
في الأسفار التوراتية نقرأ الكثير من التصرفات والأفعال التي تُعبرُّ عن الانحلال الخلقي والرذيلة، فنجد من يقدّم امرأته لغيره خدمةً لمصالحه، ومن يضطجع مع امرأة أبيه أو أخته أو كنّته إلخ...
في سفر التكوين نجدُ أنّ إبراهيم تخلّى عن امرأته (سارة) لصالح فرعون مصر لكي يثرى ويكون له خيرٌ بسببها: "فانحدر أبرام إلى مصر ليتغّربّ هناك لأنّ الجوع في الأرض كان شديداً وحدث لمّا قرب أن يدخل مصر أنّه قال لساراي امرأته إنّي قد علمتُ أنك حسنة المنظر. فيكون إذ رآك المصريون أنّهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك. قولي إنك أُختي ليكون لي خيرٌ بسببك وتحيا نفسي من أجلكِ."(51) .
"فحدث لمّا دخل أبرام إلى مصر أنّ المصريين رأوا المرأة أنّها حسنة جداً ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون. فصنع إلى أبرام خيراً بسببها وصار له غنمٌ وبقرٌ وحميرٌ وعبيدٌ وإماء وأُتنٌ وجمالٌ ."(52) .
فرعون لم يكن ليدري أنّ سارة امرأة لإبراهيم. فقد ادّعت أنّها أخته وإبراهيم أكدّ هذا الأمر لرؤساء فرعون ... لكنّ فرعون عندما علم بالأمر بعد فترة من الزمن استهجنه تماماً وانزعج من إبراهيم حتى الدرجة التي طرده فيها من مصر بعد أن أعاد له زوجته.فالمصريون لم يعتادوا على مثل هذا السلوك. فنقرأ: "فدعا فرعون أبرام وقال ما هذا الذي صنعتَ بي لماذا لم تخبرنيِ أنّها امرأتك. لماذا قلتَ هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي. والآن هوذا امرأتك. خذها واذهبْ.".(53)
وكاتب سفر التكوين يروي ويسجلّ حادثة ابنتي لوط كيف احتالتا على أبيهما واضطجعتا معه وحبلتا منه:"وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكرُ للصغيرة. أبونا قد شاخَ وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كلّ الأرض. هلمّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكرُ واضطجعت مع أبيها ولم يعلمْ باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أنّ البكر قالتْ للصغيرة إنّي قد اضطجعت البارحة مع أبي. نسقيه خمراً الليّلة أيضاً فادْخلي اضطجعي معه. فنحيي من أبينا نسلا. فسقيا أباهما خمراً في تلك اللّيلة أيضاً. وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها فحبلت ابنتا لوطٍ من أبيهما. فولدت البكرُ ابناً ودعتِ اسمه موآب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم. والصغيرة أيضاً ولدتِ ابناً ودعت اسمه بنْ عمّي. وهو أبو بني عمّون إلى اليوم.".(54)
ويتابع كاتب السّفر سرد الحوادث الّلا أخلاقية، ويحدثنا عن إبراهيم وسارة مرّة ثانية بعد أن طرد من مصر واتجه إلى كنعان فيروي: "وانتقل إبراهيم من هناك إلى أرض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرّب في جرار وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أختي فأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة.".(55)
لقد كررّ إبراهيم حادثة مصر نفسها. فقال عن امرأته سارة إنّها أخته فطلبها ملك جرار لتكون زوجة له، وإبراهيم وافق على الطلب، ولولا تدخل الإله يَهْوه في آخر لحظة لاضطجع معها ملك جرار أبيمالك حسب ما يروي كاتب السفر فنقرأ: "فجاء اللّه إلىأبيمالك في حلم الليل وقال له ها أنتَ ميتٌ من أجل المرأة التي أخذتها فإنّها متزوجة ببعل. ولكن أبيمالك لم يكن قد اقترب إليها فقال يا سيّد أأمّةً بارّة تقتلُ. ألم يقل هو لي إنّها أختي. وهي أيضاً نفسها قالت هو أخي، بسلامة قلبي ونقاوة يديّ فعلتُ هذا.".(56)
وورث إسحق عن أبيه إبراهيم سلوكه، واتبع الأسلوب نفسه في تقديم امرأته للآخرين. حيث يحدّثنا كاتب سفر التكوين أنّ إسحق تغرّبَ في منطقة جرار وكان ملكها أبيمالك أيضاً. ففعل إسحق كما فعل أبيه قبلاً، قال عن امرأته (رفقة) إنّها أخته: "فأقام إسحق في جرار . وسأله أهل المكان عن امرأته فقال هي أختي" (57)
وحدث إذ طالت له الأيام هناك أنّ أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكوّة ونظر وإذا إسحقُ يلاعبُ رفقة امرأته. فدعا أبيمالك إسحق وقال إنّما هي امرأتك فكيف قلتَ هي أُختي. فقال له إسحق لأنّي قلتُ لعلّي أموت بسببها. فقال أبيمالك ما هذا الذي صنعتبنا. لولا قليلٌ لاضطجع أحدُ الشّعب مع امرأتك فجلبْت علينا ذنباً.".(58)
مثل هذا السلوك لم يألفْه الكنعانيون . إنّه انحطاطٌ في القيم الأخلاقية. ويعتبره الكنعانيون ذنباً وعاراً فهم يخافون اللّه، ومن هذا المبدأ كان موقف أبيمالك من إبراهيم ومن ابنه إسحق. ومن هذا السلوك عموماً.
ونقرأ في سفر التكوين أيضاً أنّ روبين ابن يعقوب وهو بكره، استغلّ غياب والده ودخل على امرأته بلْهةَ وكان لها ولدان دان ونفتالي واضطجع معها: "وحدثَ إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أنّ رأوبين ذهب واضطجع مع بلْهَة سرّية أبيه".(59)
كما يحدّثنا أنّ تامار (كنّة يهوذا) ابن يعقوب الرابع زنت مع حميها يهوذا وحبلت منه وولدت ولدين أسمت الأوّل (فارص) والثاني (زارح) فنقرأ: "وأخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها تامار. وكان عيرٌ بكرُ يهوذا شريراً في عينيّ الرّب فأماته الرّب. فقال يهوذالأونان ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها وأقمْ نسلاً لأخيكَ. فعلم أونان أنّ النّسل لن يكون له فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنّه أفسد على الأرض لكي لا يعطي نسلاً لأخيه فقُبحَ في عيني الرّبّ ما فعله فأماته أيضاً. فقال يهوذا لتامار كنّته أقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبُر شيلةُ ابني. لأنّه قال لعلّه يموت هو أيضاً كأخويه. فمضت تامار وقعدت في بيت أبيها.".(60)
ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا. ثم تعزّى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلاّمّي. فأخبرت تامار وقيل لها هوذا حموك صاعد إلى تمنه ليجّز غنمه. فخلعت عنها ثياب ترمّلها وتغطّت ببرقعٍ وتلففت وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة لأنّها رأت أنّ شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجةً. فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنّها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال هاكي أدخل عليك. لأنّه لم يعلم أنّها كنتّه، فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل عليّ. فقال إني أُرسل جدي معزى من الغنم. فقالت هل تعطيني رهناً حتى ترسله. فقال ما الرّهن الذي أُعطيك. فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها. فحبلت منه ثم قامتْ ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترمُلّها."(61) .
"وفي وقت ولادتها إذ في بطنها توأمان. وكانت في ولادتها أنّ أحدهما أخرج يداً فأخذت القابلة وربطت على يده قرمزاً قائلة هذا خرج أولاً ولكن حين ردّ يده إذ أخوه قد خرج . فقالت لماذا اقتحمت. عليك اقتحام فدعي اسمه فارصَ. وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القُرمز فدعى اسمه زارحَ."(62) .
ونقرأ في سفر القضاة حوادث بشعة تعبّر عن الانحلال الخلقي منها أنّ رجلاً لاوّياً متغرباً في عقاب جبل أفرايم. اتخذ له امرأة سرّية من بيت لحم يهوذا فزنت عليه هذه المرأة، وتركته ثم ذهبت إلى بيت أبيها، ومع هذا جاء زوجها وراءها ليطيب قلبها ويردها معه..(63)
عادت المرأة معه، وجاء إلى مقابل يبوس (أورشليم) وكان معه حماران مشدودان ، والغلام، أي غلامه. فانحدر النهار وبدأت الشمس تغيب فقال الغلام لسيّده: "تعال نميلُ إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيتُ فيها. فقال له سيّده لا نميل إلى مدينة غريبةٍ حيث ليس أحدٌ من بني إسرائيل هنا. نعبر إلى جبعةَ. وقال لغلامه تعال نتقدم إلى أحد الأماكن ونبيتُ في جبعةَ أو في الرّامة. فعبروا وذهبوا وغابت لهُمُ الشمس عند جبعة التي لبنيامين. فمالوا إلى هناك لكي يدخلوا ويبيتوا في جبعة. فدخل وجلس في ساحة المدينة ولم يضمهم أحدٌ إلى بيته للمبيت. وإذا برجل شيخ جاء من شغله من الحقل عند المساء والرجل من جبل أفرايم وهو غريب في جبعة ورجال المكان بنيامينيون. فرفع عينيه ورأى الرجل المسافر في ساحة المدينة فقال الرّجل الشيخ إلى أين تذهب ومن أين أتيت؟ فقال له نحن عابرون من بيت لحم يهوذا إلى عقاب جبل أفرايم. أنا من هناك وقد ذهبت إلى بيت لحم يهوذا وأنا ذاهبٌ إلى بيت الرّب وليس أحدٌ يضمّني إلى البيت. وأيضاً عندنا تبنٌ وعلفٌ لحميرنا وأيضاً خبزٌ وخمرٌ لي ولأمتكَ وللغلام الذي مع عبيدك ليس احتياج إلى شيء. فقال الرّجل الشيخ السّلام لك إنّما كلّ احتياجك عليّ ولكن لا تبتْ في الساحة. وجاء به إلى بيته. وعَلَفَ حميرهم. فغسلوا أرجلهم وأكلوا وشربوا."(64) .
"وفيما هم يطيّبون قُلوبهمُ إذا برجال المدينة رجال بني بلّيعال أحاطوا بالبيت قارعين الباب وكلمّوا الرجلَ صاحب البيت الشّيخ قائلين أخرج الرجلَ الذي دخل بيتك فنعرفهُ. فخرج إليهم الرجلُ صاحب البيت وقال لهم لا يا إخوتي لا تفعلوا شراً. بعدما دخل هذا الرّجل بيتي. لا تفعلوا هذه القباحة. هو ذا ابنتي العذراء وسرّيته دعوني أُخرجهما فأذلُّوهما وافعلوا بهما ما يحسن في أَعينكم وأمّاهذا الرجل فلا تعملوا به هذا الأمر القبيح. فلمْ يرد الرّجال أن يسمعوا له. فأمسك الرجلُ سرّيته وأخرجها إليهم خارجاً فعرفوها وتعلّلوا بها الّليل كلّه إلى الصباح. وعند طلوع الفجر أطلقوها. فجاءت المرأة عند إقبال الصباح وسقطت عند باب بيت الرجل حيث سيدها هناك إلى الضوء فقام سيدها في الصباح وفتح أبواب البيت وخرج للذهاب في طريقه وإذا بالمرأة سرّيته ساقطة على باب البيت ويداها على العتبة. فقال لها قومي نذهب. فلم يكن مجيبٌ. فأخذها على الحمار وقام الرّجل وذهب إلى مكانه. ودخل بيتهُ وأخذ السّكين وأمسك سرّيته وقطعها مع عظامها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها إلى جميع تخوم إسرائيل"(65)
إنّه انحطاط كبيرٌ في القيم الأخلاقية، جريمة بشعة جداً، وسلوكٌ شائنٌ ومرعب جداً قام به اليهود ببساطة.. ويقرأ عنه أطفالهم اليوم بافتخارٍ ويقتدون به. ويستحضرونه في سلوكهم اليومي الديني والمدني.
في سفر صموئيل الأول حوادث تتعلق ببني إسرائيل تفوح منها رائحة الانحلال الخلقي والقباحة واللاإنسانية فنقرأ عن سلوك كلّ من شاول وداود أثناء الصراع بينهما على السلطة وكيف كان كلّ طرف يسعى لدفع الآخر عنه بطرق وأساليب غير مشروعة محورها عموماً المرأة والغدر.
إنّ شاول لكي يتخلص من داود قرّر أن يزوجه ابنته الكبرى مَيْرَب علماً أنّها كانت قد تزوجت من رجلٍ يدعى عدرئيل المحوليّ. لم يكن ليهتم بمسألة الأخلاق. ابنته متزوجة وهو يريد أن يطلقها من زوجها ليعطيها لرجل آخر نظراً لأنّ مصلحته تقتضي ذلك..(66) .
داود كان يميلُ إلى ميكال الفتاة الأصغر للملك شاول.. وهي كانت تميلُ إليه. وقد وافق شاول أن يزوجها لداود، ليس لأنّه يريد أن يكون داود صهره ويُسعدُ ابنته، بل من أجل أن تكون شركاً له ويقتله الفلسطينّيون حيث نقرأ: "وميكالُ ابنة شاول أَحبّتْ داودفأخبروا شاول فحسُن الأمر في عينيه . وقال شاول أُعطيه إيّاها فتكون له شركاً وتكون يدُ الفلسطينيين عليه"(67) .
لقد طلب شاول مهر ابنته ميكال مائة غُلفةٍ من الفلسطينيين كما يرد في سفر صموئيل الأولّ: "فقال شارل هكذا تقولون لداود. ليستْ مسّرة الملك بالمهر بلْ بمائة غُلفةٍ من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك وكان شاول يفكّرُ أن يوقعَ داود بيد الفلسطينيين."(68) .
ولمّا اشتدّ الصراع بين الطرفين وهرب داود من وجه شاول قام شاول باحتجاز ميكال ابنته ومنعها من الذهاب مع داود. وزوجها لرجل يُدعى فلطئيل بن لايش بقيت عنده حتى وفاة والدها شاول فاستردّها داود ثانية وبطريقة سلبية كما يردُ في السفر حيث نقرأ:"فأرسل أَبنير من فوره رُسلاً إلى داود قائلاً لمنْ هي الأرض. يقولون اقطعْ عهدك معي وهوذا يدي معكَ لردّ جميع إسرائيل إليك. فقال حسناً أنا أقطع معك عهداً إلاّ أنّي أطلبُ منك أمراً واحداً وهو أن لا ترى وجهي ما لم تأتِ أولاً بميكال بنت شاولَ حين تأتي لترى وجهي. ,أرسل داود رسلاً إلى إيشبوشث بن شاول يقول أعطني امرأتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمائة غُلفةٍ من الفلسطينيين فأرسل إيشبوشث وأخذها من عند رجُلها من فلطئيل بن لايش. وكان رجلها يسيرُ معها ويبكي وراءها إلى بحوريم. فقال له أبنيرُاذهب. ارجعْ. فرجع."(69)
ويحدثنا كاتب سفر صموئيل الثاني أنّ الملك شاول توفي، فقام قائده أبنير بن نير بمصاحبة امرأته رصفة بنت أَية وقد علم ابن شاول إيشبوشث بالأمر فاستنكر قائلاً لأبنير "لماذا دخلت إلى سرّية أبي. فاغتاظ أبنير جداً من كلام إيشبوشث وقال ألعّلي رأس كلب ليهوذا. اليوم أصنع معروفاً مع بيت شاول أبيك مع إخوته ومع أصحابه ولم أسّلْمك ليد داود وتطالبني اليوم بإثم امرأةٍ."(70)
ثم نقرأ في نفس السفر عن داود وقائده أوريّا الحثّي، وسلوكه اتجاه امرأة أوريّا الحثّي. وكيف دبّر اغتياله ليسلبه امرأته: "وكان في وقت المساء أنّ داود قام عنْ سريره وتمشّى على سطح بيت الملك فرأى من على السّطح امرأةً تستّحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جداً. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحدٌ أليستْ هذه بتشبع بنت أليعامَ امرأة أوريّا الحثّي. فأرسل داود رسُلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرةٌ من طمثها ثمّ رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأةُ"(71)
عندما علم داود بالأمر . أرسل وراء زوجها لكي ينام معها وتختفي القضّية، لكن أوريّا الحثّي بما كان يحمله من شعور بالمسؤولية والقيم الأخلاقية والالتزام قرّر أن ينام مع حرّاس داود بدلاً من أنْ يذهب إلى بيته لينام مع امرأته علماً أنّه تلّقى أمراً من داود بالذهاب إلى بيته. فنقرأ قوله لداود: "إنّ التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيدُ سيّدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي. وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر."(72)
إنّه موقفٌ نبيل من أوريّا الحثّي.. فهو لم يكن يهودياً. إنّه من بني حث ولهذا اتصف بالمروءة والشجاعة وعفّة النفس. والوفاء للقضية التي يعمل من أجلها.. ولم يكن ليدري أنّ داود خدعه وأساءَ إليه ولامرأته. ولكنَّ داود قابل هذا الموقف النبيل بالشرّ. من أجل نزوة عابرة، فأمر باغتيال أوريّا الحثّي القائد الشجاع وتصفيته . وتحقّق له الأمر وضمّ امرأته بتشبع بنت أليعام إلى بيته وصارتْ له امرأة."(73)
نبقى في سفر صموئيل الثاني وحوادث لا أخلاقية أخرى فنقرأ عن أمنون بن داود كيف احتال على أخته تامار وضاجعها وطردها بعد ذلك بقسوةٍ ووقاحة.. "كان لأبشالوم بن داود أُختٌ جميلة اسمها تامار فأحبها أمنونُ بن داود. وأُحصر أمنون للسّقْم من أجل تامار أُخته لأنّها كانت عذراء وعَسُر في عينّي أَمنُون أن يفعل لها شيئاً. وكان لأمنون صاحب اسمه يوناداب بنُ شمعي أخي داود. وكان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. فقال له لماذا يا ابن الملك أنتَ ضعيفٌ هكذا من صباح إلى صباح. أما تُخبرني. فقال له أمنُونُ إنّي أُحبُ تامار أُختَ أبشالومَ أخي. فقال يوناداب اضطجع على سريرك وتمارضْ وإذا جاء أبوك ليراك فقل له دع تامار أُختي فتأتي و تطعمني خبزاً وتعملْ أمامي الطّعام لأرى فآكل من يدها. فاضطجع أمنُونُ وتمارض. فجاء الملك ليراه فقال أمنُونُ للملك دع تامار أُختي فتأتي وتصنع أمامي كعكتين فآكل من يدها. فأرسل داود تامار إلى البيت قائلاً اذهبي إلى بيت أمنون أَخيك واعملي له طعاماً. فذهبتْ تامارُ إلى بيت أمنُون أخيها وهو مضطجع وأخذت العجين وعجنت وعملتْ كعكاً أمامه وخبزتِ الكعك وأخذت المقلاة وسكبتْ أمامه فأبى أن يأكل. وقال أمنُون أخرجوا كلّ إنسان عنّي فخرج كلّ إنسان عنه. ثم قال أمنُون لتامار إيتي بالطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأخذت تامار الكعك الذي عملتُه وأتت به أمنُونَ أخاها إلى المخدع. وقدمّت له ليأكل فأمسكها . وقال لها تعالي اضطجعي معي يا أختي. فقالتْ له لا يا أخي لا تذُلّني . لأنّه لا يفعلُ هكذا في إسرائيل لا تعملْ هذه القباحة. أمّا أنا فأين أذهبُ بعاري وأمّا أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل. والآن كلّم الملك لأنّه لا يمنعني منكَ. فلم يشأ أن يسمع لصوتها بلْ تمكّن منها وقهرها واضطجع معها. ثمّ أبغضها أمنُونُ بغضة شديدة جداً حتى إنّ البغضة التي أبغضها إياها كانت أشد من المحبّةالتي أحبّها إيّاها. وقال لها أمنُونُ قومي انطلقي."(74)
لقد كان أمنون من السّفهاء حقّاً، والسفيه الأكبر كان عمّه يوناداب الرجل الحكيم الذي قال عنه كاتب السّفر أنّه رجلٌ حكيم جداً. هذا الرجل الحكيم الذي أشار على أمنون أن يفعل هذه القباحة ضارباً عرض الحائط كل القيم الأخلاقية الحميدة.
ونقرأ عن سفيه آخر لا يقلُّ سفاهةً عن أمنون ويوناداب ، إنّه (أبشالوم) شقيق أمنون وتامار. فهو لم يكتفِ أن غدرَ بأخيه أمنون وقتله، وتمرّد على أبيه داود، بل وصلت السّفاهة عنده إلى مضاجعة نساء أبيه وكان عددهنَّ عشر نساء. وذلك خلال الصراع الذي نشب بينه وبين أبيه داود على السّلطة. واضّطر داود للهرب من وجه ابنه، فأشار على أبشالوم أحد الكهنة المناصرين له وكان يدعى (أخيثوفل): "ادخل إلى سراري أبيكَ اللواتي تركهنّ لحفظ البيت فيسمع كلّ إسرائيل أنّك قد صرتَ مكروهاً من أبيك فتتشدّد أيدي الذين معك. فنصبوا لأبشالوم الخيمة على السّطح ودخل أبشالوم إلى سراري أبيه أمام جميع إسرائيل.".(75)